أما قول من قال : ان التاء في تطهرهم للصدقة وفي تزكيهم للنبي فهو تفكيك بين الكلام الواحد مع عدم الدليل. وهو مبتدأ ويقبل التوبة خبر ، والجملة خبر ان ، ولا يجوز أن يكون هو ضمير الفصل لأن ما بعده فعل.
المعنى :
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها). اتفقوا على أن ضمير (بها) يعود إلى الصدقة ، واختلفوا في ضمير (أموالهم) ، فقيل : يعود الى الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وقيل : بل يعود الى جميع الأغنياء ، لأن الآية نزلت في الزكاة المفروضة. وهذا القول أقرب إلى الاعتبار ، وعليه يكون المعنى خذ يا أيها الرسول الزكاة من أموال الأغنياء فإنها مطهرة لهم من دنس البخل بحق الله. وتكلمنا عن الزكاة عند تفسير الآية ٦٠ من هذه السورة ، وفي ج ١ ص ٤٢٨ عند تفسير الآية ٢٧٤ من سورة البقرة.
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ). المراد بالصلاة هنا الدعاء ، والسكن راحة النفس ، والمعنى ادع ايها الرسول لمن يؤدي الزكاة بالبركة والمغفرة فإنه يغتبط بدعائك ، وترتاح نفسه اليه (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يسمع ويستجيب دعاءك للمزكين ، ويعلم نية من يؤدي الزكاة عن طيب نفس تقربا إلى الله وحده.
(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ). ويومئ السياق إلى أن التوبة ذكرت هنا للإشارة إلى ان من منع الزكاة ، ثم تاب وأداها كاملة فإن الله يقبل توبته ، ويأخذ صدقته ، ومعنى أخذه لها انه جلّت كلمته يثيب عليها ، فقد جاء في الحديث : «ان الصدقة تقع في كف الرحمن قبل أن تقع في كف السائل». وكف الرحمن كناية عن قبوله لها (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي يقبل التوبة ، ويرحم التائبين.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). ذكر هذه الآية محيي الدين بن العربي في الجزء الرابع من الفتوحات المكية ، وشرحها بكلام هذا توضيحه وتلخيصه : ان معنى الرؤية يختلف باختلاف الرائي ، فمعنى الرؤية من