محذوف أي هو كائن كماء ، ويجوز ان تجعل اضرب بمعنى صيّر وعليه يكون كماء مفعولا ثانيا.
المعنى :
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ). الدنيا حلوة خضرة في منظرها ، وغرّارة ضرارة في مخبرها ، لا خير في شيء من أزوادها إلا التقوى ، كما قال الإمام علي (ع) ، وهذا هو معنى الآية ، حيث شبه سبحانه الدنيا في نضرتها بمطر نزل على الأرض ، فأخصبت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ولكن ما أسرع أن ذوى وجف يابسا وهشيما تنثره الرياح ، وهكذا زينة الحياة الخاصة : منظر جميل ، ومخبر عليل (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً). يقدر على إزالة الكون وإفنائه ، تماما كما قدر على خلقه وإيجاده .. قال ابن عربي في الفتوحات المكية : «ان الله قادر من حيث الأمر ، ومقتدر من حيث الخلق يريد ان الله يتصف بالقدرة من حيث انه يقول للشيء «كن فيكون» سواء أقال له ذلك ، أم لم يقل ، ويتصف بالاقتدار من حيث انه قال بالفعل ووجد الشيء كذلك.
(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا). زينة الحياة على نوعين ، عامة وخاصة ، والعامة كتيسير المواصلات وبناء السدود ، وما اليه من مشاريع الري ، وكإنشاء الجامعات للعلوم ، والروضات للأطفال ، والمصانع لسد الحاجات ، ونحوها مما ينفع الناس بجهة من الجهات. أما الزينة الخاصة فهي كالدار والسيارة الفارهة ، والولد الناجح المطيع ، والمكانة الاجتماعية وما الى ذلك من المنافع الشخصية ، وهذه الزينة ليست محرمة ، كيف وهو القائل جلت حكمته : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) ـ ٣٢ الأعراف ج ٣ ص ٣٢٠.