والذي نراه نحن ان الصف هنا كناية عن الترتيب والنظام ، وان الخلائق يعرضون على خالقهم بوضع محكم ودقيق.
(لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) بهذا يبدأ الله سبحانه محاكمة الذين ينكرون البعث : لقد أخرجناكم من بطون أمهاتكم عراة حفاة عزلا من كل شيء ، وكذلك أخرجناكم من قبوركم ، ولا فرق إلا في انكم خرجتم أولا غير مسؤولين عن شيء ، وثانية لتسألوا عما كنتم تعملون وتعتقدون وتقولون .. ومن ذلك قولكم : البعث خرافة وأساطير .. فما ترون الآن؟.
(وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ). بعد أن قال الله لمنكري البعث : (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أعطى كل واحد منهم صحيفة أعماله ، وقال له : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) ـ ١٤ الاسراء. اقرأ صحيفة أعمالك ، وحاسب نفسك بنفسك .. فيقرأها ، وهو يرتجف من الخوف الذي لا رجاء معه ولا أمل بالنجاة ، ولو خاف عذاب الحريق من قبل ، وابتعد عن طريقه لكان اليوم في أمن وأمان ، ولكنه أمن هناك فخاف هنا.
(وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها). ومن قبل هذا قالوا : لا كتاب ولا حساب ، ولم يستجيبوا لعقل ولا دين (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) من غير زيادة أو نقصان ، كيف (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) لا في ثواب ولا في عقاب بل يضاعف الثواب لمن أحسن ، وقد يعفو عمن أساء.
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ