إذ أخذت موسى سنة فنام ، وفي أثناء نومه انتفض الحوت وقفز الى البحر ، فكانت هذه آية من آيات الله لموسى.
وسواء استند الراوي الى العيان أو الاستنتاج فإن روايته هذه تلقي ضوء على ما ذكرناه من كلام الله بين قوسين في صدر هذا الكلام.
(فَلَمَّا جاوَزا قالَ ـ موسى ـ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً). بعد أن استراح موسى وفتاه قليلا عند مجمع البحرين استأنفا السير الى أن أدركهما التعب ، وأحسا بالجوع ، فطلب موسى من فتاه الغداء ، وكان الفتى قد شاهد انتفاضة الحوت وقفزته الى البحر ، ولكنه نسي أن يخبر موسى بأمره ، ولما طلب منه أن يأتي بالغداء تذكر و (قالَ ـ لموسى ـ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً). ولما سمع هذا موسى لاحت له دلائل الفوز ببغيته ، و (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) رجع موسى وفتاه الى المكان الذي قفز منه الحوت الى البحر ، وسارا على الطريق الذي جاءا منه يتبعان أثرهما الأول.
(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠))