فكذبوا محمدا (ص) ، وهموا بقتله ، كما هموا بقتل المسيح (ع) من قبل ، فسلط الله عليهم المسلمين ، فقتلوا بني قريظة ، وأجلوا بني النضير ، واستولوا على خيبر ، وطردوا اليهود من الجزيرة العربية.
(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً). قيل : الحصير هنا بمعنى البساط ، وقيل : بمعنى الحصر والحبس ، ومهما يكن فإن المراد ان جهنم محيطة بهم ، ولا رجاء لهم بالخلاص منها ، تماما كقوله تعالى : (أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) ـ ١٢١ النساء.
في كانون الثاني «يناير» من هذا العام ١٩٦٩ دار نقاش هادئ على صفحات جريدة الأخبار المصرية حول قضائه تعالى : (إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) الخ». واشترك في هذا النقاش عدد كبير من أهل العلم والرأي الغيورين على الحق ، واستمر الحوار والجدال أمدا غير قصير ، ونشرته الجريدة في أربعة أعداد ، وهي أعداد أيام الجمعة من الشهر المذكور ، وقد انقسم المشتركون في هذا الحوار إلى فريقين :
الفريق الأول يقول : ان أولى الضربتين على بني إسرائيل وقعت بيد المسلمين أيام عمر بن الخطاب لأنه فتح القدس ، وجاس هو والمسلمون خلال الديار الفلسطينية ، وفسر هذا الفريق المفسدة الثانية من بني إسرائيل بما فعلته عصابة الصهاينة في حزيران سنة ١٩٦٧ وما تفعله الآن ، وفسر الضربة الثانية بأن الله سيمكّن في المستقبل العرب والمسلمين من رقاب الصهاينة ، فيسترجعون منهم الأرض السليبة التي وثبوا عليها في حمى الاستعمار .. وقال هذا الفريق : ان هذا المعنى هو المراد من قوله تعالى : (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي ان العرب والمسلمين يحررون المسجد الأقصى في المستقبل من إسرائيل الحالية كما حرره المسلمون من قبل.
ولا مصدر لهذا التفسير إلا العاطفة والتنبؤات التي يجب تنزيه القرآن عنها ، لأنه كتاب علم ونور من الله يكشف عن السنن والقوانين الكونية التي لا تتغير ولا