على أسوأ حال تقعدهم الملائكة على الركب حول جهنم لينظروا اليها ، فيزدادوا حسرات وأنّات.
(ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا). وبعد ان يتحلقوا حول جهنم جاثين على الركب ، وهم فرق وطوائف يأخذ الله أولا من كل فرقة الرؤساء والقادة العتاة ، ويلقي بهم في جهنم ، ثم الأعتى فالأعتى ، ويوضع كل واحد في المكان اللائق به من عذاب الحريق (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا). ان الله سبحانه يعلم السيئات التي يجترحها الإنسان في سره وعلنه ، ويجازيه بما يستحق ، فصاحب الكبيرة له العذاب الأكبر ، ثم الأدنى فالأدنى : (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) ـ ٤٩ الكهف.
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا). المراد بالورود هنا الرؤية والمشاهدة لأن المؤمنين عن النار مبعدون ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) ـ ١٠١ الأنبياء». ولأن عذاب المطيع يتنافى مع عدل الله وفضله. ومعنى الآية ما من أحد إلا ويرى النار عيانا يوم القيامة صالحا كان أم طالحا ، فالطالح يراها ويدخلها جاثيا على ركبتيه ، والصالح يراها ويتجاوزها حامدا شاكرا نعمة النجاة والخلاص من كلبها ولجبها : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) ـ ١٨٥ آل عمران.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ