مع عصر الظلمات حتى قرأت كلمة هذا الدخيل فأدركت ان لهذه الفلسفة جذورا عميقة في نفوس الأدعياء والعملاء.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً). تقدم نظيره في الآية ٦ من سورة الانعام ج ٣ ص ١٦٢ (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً). أمر الله نبيه الكريم ان يقول للذين يرون الخير في حشو المعدة : ان هذا الذي تفتخرون به من السعة في العيش هو ابتلاء يمتحن الله به عباده ، ويمهلهم أمدا غير قصير ، فان شكروا أنعم الله عليهم بالثواب وحسن المآب ، وان ازدادوا كفرا وطغيانا سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب في الحياة الدنيا ، أو يعذبهم الله العذاب الأكبر في اليوم الآخر .. وعندها يعلمون أي الفريقين أسوأ حالا : المؤمنين الفقراء ، أو الكافرين الأغنياء؟ ولو ان إنسانا ملك كل ما طلعت عليه الشمس لم يكن هذا الملك شيئا مذكورا بالقياس إلى أدنى عذاب من حريق جهنم .. قال علي أمير المؤمنين (ع) : «ما خير بخير بعده النار ، وما شر بشر بعده الجنة ، وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية».
(وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً). وذلك بأن يعرفهم بحقيقة أنفسهم ، وبمواقع الخطأ والصواب .. وهذه هي الهداية والنعمة الكبرى (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا). والمرد هو المرجع والعاقبة ، والباقيات الصالحات العلم والعمل النافع ، وهما خير من المال والجاه لأنهما دائما باقيان لا ينقطع نفعهما وثوابهما ، أما الجاه والمال فإلى هلاك وزوال.
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ