(فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا). لا تعجل يا محمد باهلاك الكافرين فإنه آت لا محالة ، ولكن الله يؤخرهم الى أجل مسمى ليحصي عليهم أعمالهم ثم يجازيهم عليها بما يستحقون .. فإنه لا خير في طول الحياة إلا لمن آمن وعمل صالحا ، اما من كفر واجترح السيئات فحياته وبال عليه : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) ـ ١٧٨ آل عمران.
(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً). وكلمة الوفد تشعر بالتشريف والتكريم ، والمعنى ان اهل الله وطاعته يفدون عليه غدا معززين مكرمين (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) .. للمؤمنين الكرامة بالوفادة ، وللمجرمين الهوان بالسوق ، تماما كما تساق البهائم الى ورود الماء يساق المجرمون الى ورود جهنم ، وبئس الورد المورود (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً). كل من وفي بعهد الله ولم يخنه في كبيرة ولا صغيرة فقد أعطاه الله عهدا بالفوز والنجاة ، وبالشفاعة لمن هو أهل لها : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ـ ٤٠ البقرة.
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ