وتسأل : ان القرآن نزل على رسول الله (ص) ليعمل به ويرشد اليه ، وقد جاء فيه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ـ ٧٨ الحج. وأيضا قال تعالى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ـ ٤٠ الرعد. فكيف أتعب النبي نفسه بالعبادة وبالحسرات؟
الجواب : ان العظيم يستصغر الخير من فعله وان عظم ، ويستعظم الحقير من ذنبه وان صغر ، ويتهم نفسه بالتقصير مهما اجتهد .. والنبي (ص) أعظم خلق الله على الإطلاق ، ويستمد عظمته من علمه بالله وطاعته له وجهاده للدعوة الى سبيله ، ومن أجل هذا يتهم نفسه ، ويراها متوانية في حق الله مهما بالغ في التعبد له والدعوة الى الحق بخاصة إذا لم تثمر دعوته التي يبتغيها من هداية عشيرته قريش.
(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) هذا كناية عن الاستيلاء والتدبير ، وسبق مثله في سورة الأعراف الآية ٥٤ ج ٣ ص ٣٣٩ (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) هذا بيان وتفسير لقوله تعالى : خلق الأرض والسموات ، وقوله : على العرش استوى لأن الخالق والمدبر هو المالك ، ولا أحد يملك معه شيئا إلا من ملكه (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى). والأخفى هو الذي يمر بخيالك دون ان تتفوه به ، وأوضح تفسير للأخفى قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ـ ١٥٤ آل عمران (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى). كل أسماء الله حسنة لأنها تعبّر عن أحسن المعاني وأكمل الصفات. أنظر فقرة «هل أسماء الله توقيفية أو قياسية» ج ٣ ص ٤٢٥.
(وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ