قاساها موسى في حياته ـ أثرا فعالا في هذا الضيق والغضب السريع .. ولما كانت الرسالة الى الخلق تستدعي الصبر على المكاره والمتاعب سأل ربه رباطة الجأش ، وسعة الصدر.
٢ ـ (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي). مدّني منك يا إلهي بالعون والتوفيق لأداء ما كلفتني به ، وحملتني إياه .. ولا يتم شيء للإنسان من الخير مهما توافرت له الأسباب إلا بتوفيق الله وعونه.
٣ ـ (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي). وإذا عطفنا هذه الآية على قوله تعالى : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً) ـ ٣٤ القصص وقوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) ـ ٥٢ الزخرف. إذا جمعنا هذه الآيات الثلاث في كلام واحد كانت شاهد صدق بصحة قول من قال : انه كان في لسان موسى ثقل ولكنة ، اما ان هذه اللكنة خلقة ، أو من جمرة أدخلها فاه وهو طفل ، حين امتحن فرعون رشده وتمييزه بين التمرة والجمرة ، أما هذا فعلمه عند ربي .. وتجدر الاشارة الى ان هذه الآية تشعر بأن فصاحة اللسان ، وبلاغة البيان من أجلّ الصفات ونعم الله الكبرى على الإنسان ، وقد امتن سبحانه عليه حيث قال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ـ ٣ الرحمن. وقال الإمام علي (ع) : «ما الإنسان لو لا اللسان إلا بهيمة مهملة أو صورة ممثلة».
٤ ـ (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً). جاء في مجمع البيان : ان هرون كان أخا لموسى من أمه وأبيه ، وكان يكبره بثلاث سنين ، وكان أتم طولا ، وأبهى جسما ، وأكثر لحما ، وأفصح لسانا ، ومن أجل هذه الصفات سأل موسى ربه أن يجعل أخاه هرون شريكا له في النبوة .. وقال صاحب المجمع : انه مات قبل أخيه موسى بثلاث سنين.
ومهما يكن فلا بد لصاحب الرسالة من التعاون مع من يخلص لها ، ويضحي