(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) تقدم الكلام مفصلا عن بسط الأرض ومدها ومهدها في ج ٤ ص ٣٧٤ عند تفسير الآية ٣ من سورة الرعد (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) طرقا تسلكونها لبلوغ مآربكم (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى). تقدم نظيره في الآية ٩٩ من سورة الأنعام ج ٣ ص ٢٣٤.
(كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى). المراد بالآيات الدلائل على وجود الله تعالى ، وأولو النهى أهل العقول والبصائر ، وخصهم الله سبحانه بالذكر لأنهم يدركون الحقائق إذا كانوا مجردين عن الأهواء والأغراض ، وفي الحديث ان رسول الله (ص) قال : ان خياركم أولو النهى. فقالوا : ومن أولو النهى يا رسول الله؟ قال : أولو الأخلاق الحسنة ، والأحلام الرزينة ، والمتعاهدون للفقراء واليتامى والجيران ، يطعمون الطعام ، ويفشون السلام في العالم.
(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى). الإنسان ابن الأرض بجسمه ، فهي المادة الأولى لتكوينه ، ومنها طعامه وشرابه ، وعليها ذهابه وإيابه ، قال رسول الله (ص) : «الأرض أمكم ، وهي برة بكم». أجل ، هي أمنا لأنّا منها ولدنا ، وهي برة بنا لأنها تغذينا كما ترضع الأم وليدها. ثم نعود الى الأرض بعد الموت ، ونصير ترابا كما كنا من قبل ، ثم نحيا ثانية للحساب والجزاء.
(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى). الهاء في أريناه لفرعون ، والمراد بالآيات المعجزات التي أظهرها الله سبحانه على يد موسى ، ودلت دلالة واضحة على صدقه ونبوته ، ولكن أية جدوى من الآيات والنذر إذا اصطدمت بالمنافع والمصالح؟.
(قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ