هنا جبريل ، وباثره التربة التي وطئها هو برجله ، أو فرسه بحافره. وقيل : بل المراد بالرسول موسى ، وبأثره سنته. وقيل : ان السامري كاذب في قوله ، وانه ما بصر بشيء ، ولا قبض شيئا من اثر الرسول ، وانما أراد التهرب من تبعة ما حدث. وهذا أرجح الأقوال ، وأقربها الى الافهام من رجل جبريل وحافر فرسه .. ومن صنع العجل بيده ، ودعا الى عبادته من دون الله يهون عليه الكذب والافتراء .. أما الخوار فمن الجائز أن يكون السامري صنع العجل على هيئة بحيث يخرج منه صوت الثيران بواسطة الريح أو غيرها ، كما قلنا في ج ٣ ص ٣٩٥.
ومهما يكن فان المعنى الذي دل عليه ظاهر القرآن ان السامري هو الذي أفسد وأضل بني إسرائيل في عبادة العجل ، أما كيف صنعه فنحن غير مكلفين بمعرفة ذلك ، ولا صلة له بعقيدتنا وحياتنا.
(قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ). هذا هو جزاؤك في الدنيا ، الطرد والعزل عن الناس ، كل الناس .. لا تخالط أحدا ، ولا أحد يخالطك في قول أو فعل ، أما عقابك في الآخرة فأدهى وأمر. وقيل : ان السامري عاش مدة حياته في البرية مع الوحوش والسباع (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ). لا محيص عنه ولا مفر منه ، وهو لقاؤك مع الله ، وحسابك على ما أسلفت وافتريت ، وجزاؤك عليه بالعذاب الأليم ، وحريق الجحيم.
(وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً). هذه هي نهاية كل مزيف ماكر .. الخزي والهوان ، والنسف في البحر ، أو الطرح مع القمامة (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً). هو وحده الإله الحق ، ولا معبود سواه ، وسعت رحمته كل شيء ، وأحاط علمه بكل شيء ، وما من شيء إلا يعبده ويسبّح بحمده.
من المفيد ان نختم تفسير هذه الآيات بما جاء في تفسير الرازي :
«قال أبو القاسم الانصاري : كان السحرة مشركين ، ولما رأوا آية واحدة