وضمير له يعود الى الداعي بلحاظ دعوته ، والمعنى ان دعوة الداعي حق ، ومستجابة عند الجميع ، ولا أحد يستطيع التخلف عنها : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) ـ ٨ القمر.
(وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً). خشعت خضعت وذلت ، والأصوات على حذف مضاف أي أصحاب الأصوات ، لأن الصوت لا يحس ولا يشعر ، والهمس الكلام الخفي ، وهو يدل على الخشوع والخضوع. (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً). هذا بمعنى قوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) ـ ٢٨ الأنبياء». وتكلمنا عن الشفاعة مطولا عند تفسير الآية ٤٨ من سورة البقرة ج ١ ص ٩٧ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً). تقدم نظيره في الآية ٢٥٥ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٩٤.
(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ). المراد بالوجوه أصحابها ، والمعنى ان الخلائق كلها تنقاد غدا لأمر الحي الذي لا يموت ، والقائم على كل شيء ، ولا يقوم شيء إلا به (وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً). ان أخسر الناس غدا من ظلم الناس ، واعتدى على كرامتهم وحريتهم ، والرابح عند الله من عمل لخير الناس وصلاحهم لوجه الخير والانسانية (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً). هذا مثل قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٩٧ النحل. ج ٤ ص ٥٥٠.
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤) وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى