تستحقون .. ولا جواب لمن التوى عن الحق وعانده إلا ان يحيله الى محكمة الحق والعدل (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ). رفضوا الاعتراف بالحق ، وبحثوا عن حيلة يتذرعون بها فتاهوا في حيرتهم يعمهون ، قال صاحب مجمع البيان : «وهكذا المتحير الذي بهره ما سمع .. فمرة يقول هذا سحر ، ومرة يقول هو شعر ، ومرة يقول انه حلم ، ولا يجزم على أمر .. وهذه مناقضة ظاهرة».
(فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ). قال مشركو قريش لمحمد (ص) : ان كنت نبيا فأتنا بمعجزة كناقة صالح ، وعصا موسى وغيرهما من معجزات الأنبياء السابقين ، فأجاب سبحانه عن هذا الطلب بقوله : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها). ومعنى هذا الجواب : صحيح ان الأنبياء السابقين جاءوا بالخوارق كالناقة والعصا ، ولكن قومهم لم يؤمنوا بها ، بل رفضوها وكذبوها ، مع انهم هم الذين طلبوها واقترحوها ، ومن أجل ذلك أهلكناهم ، فينبغي لكم أنتم يا مشركي قريش أن تنظروا الى النتائج التي ترتبت على الخوارق ، لا الى نفس الخوارق ، وعين الشيء يحدث لكم لو استجاب الله لاقتراحكم (أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) أي لم يؤمن الذين كانوا قبلهم بالمعجزات التي اقترحوها فكذلك هم لا يؤمنون بالمعجزات التي اقترحوها ، وتكون النتيجة أن يهلكوا كما هلك الأولون ، حيث قضت حكمته تعالى أن يهلك من يكذب بمعجزة هو الذي طلبها واقترحها.
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠) وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ