بلا أجساد ، ولا خالدين في هذه الحياة .. انهم تماما كغيرهم من الناس لا يمتازون عنهم إلا بالتبليغ عن الله ، وانهم أكمل البشر. انظر ما كتبناه بعنوان حقيقة النبوة عند تفسير الآية ٣٥ من سورة طه.
(ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ). يشير سبحانه بهذا الى قوله تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ـ ٢١ المجادلة. وقوله : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) ـ ٥١ غافر. وخلاصة المعنى ان الله سبحانه وعد الأنبياء والذين آمنوا بالنجاة ، والكافرين بالهلاك ، وقد وفى بوعده ، ومن أوفى بعهده من الله.
(لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ). لم يكن العرب قبل محمد (ص) والقرآن شيئا مذكورا ، وبعدهما أصبحوا مشهورين تذكر الأمم تاريخهم وحضارتهم ، وترفع من شأنهم ومكانتهم ، قال «و. ل. ديورانت» في موسوعته التاريخية «قصة الحضارة» :
كان محمد من أعظم عظماء التاريخ. فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب عاش في دياجير الهمجية ، وحرارة الجو ، وجدب الصحراء ، وقد نجح في هذا الغرض نجاحا لا يدانيه أي مصلح آخر في التاريخ كله. كانت بلاد العرب لما بدأ دعوته صحراء جرداء تسكنها قبائل من عبدة الأوثان ، قليل عددها ، متفرقة كلمتها ، وصارت عند وفاته أمة ممّاسكة ، وقد كبح جماح التعصب والخرافات ، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم دينا سهلا واضحا ، وصرحا قوامه البسالة والعزة والقومية ، واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة ، وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة ، وأن يبقى الى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في العالم.
(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ). هذا تهديد ووعيد للذين كذبوا محمدا (ص) بأن يحل بهم من الهلاك ما حل بمن كان قبلهم