وأجاب المفسرون بأن الغرض من ذلك أن يزداد عبدتها حسرة وغما كلما رأوها الى جانبهم. وهذا مجرد حدس واستحسان ، والأولى أن ندع الجواب للآية ٢٤ من سورة البقرة : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ).
وفي بعض الروايات : «ان ابن الزبعري ـ وهو أحد مشركي قريش وشعرائهم ـ اعترض على هذه الآية بأن اليهود يعبدون عزيرا ، والنصارى يعبدون المسيح ، وهما من أهل الجنة باعتراف محمد ، فكيف يقول كل معبود حصب جهنم؟ فقال له رسول الله (ص) : ما أجهلك بلغة قومك! أليست (ما) لما لا يعقل؟». هذا ، الى ان الخطاب لمشركي قريش بالخصوص ، كما قلنا ، وهم يعبدون الأصنام.
(لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ). هؤلاء اشارة الى الأصنام ، وضمير وردوها يعود الى النار ، ومعنى الآية واضح ، وهو لو كانت الأصنام آلهة ما دخلت النار ، ومثل هذا النقض ان تقول : لو كنت أمينا لما خنت ، ولكنك قد خنت ، فما أنت بأمين .. وفي المنطق يسمى هذا النوع من الاستدلال بالقياس الاستثنائي (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ). ضمير لهم يعود الى كل مجرم مسلما كان أم كافرا ، وضمير فيها الى جهنم ، والمعنى لكل مجرم في جهنم أنين وعنين ، ولا يسمع من أحد كلمة عطف وحنان ، بل من يراه يوبخه ويعنفه : (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) ـ ٢٤ الزمر.
(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣) يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا