وقانون الحياة لا يأبى ذلك بل يقره ويؤكده ، وإذا كانت القوة الآن بأيدي الوحوش الضارية المتسلطة على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيره فانه لا شيء يمنع أن تتحول القوة في يوم من الأيام من أيدي أهل البغي والضلال الى أيدي أهل الحق والعدالة ، بل ان غريزة حب البقاء والتحرر من الظلم ، والمبدأ القائل : كل ما على الأرض يتحرك تماما كالأرض ، وان دوام الحال من المحال ، كل ذلك وما اليه يحتم ان القوة في النهاية تكون للأصلح الأكفأ.
(إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ). هذا اشارة الى أن الأرض يرثها العباد الصالحون ، ولو بعد حين ، والمراد بالعابدين هنا الذين يتعظون بالعبر ، وينتفعون بالنذر.
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ). الخطاب لمحمد (ص) ، ورسالته رحمة للأولين والآخرين ، وفيما تقدم ذكرنا الكثير من مبادئها وتعاليمها ، وحسبنا منها قول صاحبها : «ما آمن بالله من لا تأمن الناس بوائقه .. إذا ساءتك سيئة ، وسرتك حسنة فأنت مؤمن». وعلى هذا الاحساس والشعور يقوم العدل ، وينشر الأمن ، وتهنأ الحياة .. وتكلمنا عن عموم رسالة محمد (ص) الى جميع الناس في كل زمان ومكان تكلمنا عن ذلك عند تفسير الآية ٩٢ من سورة الأنعام ج ٣ ص ٢٢٥.
(قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (١١١) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١١٢))