المعنى :
في هذه الآيات تحذير وتخويف من يوم القيامة مع الاشارة الى شدائده وأهواله ، وذم الجاهل المتعنت ، ثم الاستدلال على البعث ، وفيما يلي التفصيل :
١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ). المراد بالساعة يوم القيامة ، وسمي بها لأن جميع الخلائق تسعى اليه ـ كما في كتاب الاسفار للملا صدرا ـ ومعنى زلزلة الساعة خراب الكون بأرضه وسمائه ، فتختلط هذه بتلك ، والبر بالبحر ، وتزول الأبعاد ، وترتفع الحواجز ، وتقوم الخلائق من الأجداث كأنها أشباح بلا أرواح.
(يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ). هذا كناية عن هول الساعة وشدتها ، حيث لا مرضع ولا حامل يومذاك أي لو كان ثمة مرضع لذهلت أو حامل لوضعت .. والكل يمورون ويضطربون من الفزع والهلع ، تماما كما يضطرب السكران.
٢ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ). الإنسان ، أي انسان ، لا يخلو أن يكون واحدا من اثنين : إما جاهلا ، وإما عالما ، والعالم لا يخلو اما أن يكون منصفا ، واما منحرفا ، والعالم المنصف هو الذي يقول ما يعلم ، ويسكت عما لا يعلم ، وقد حدد الله سبحانه وظيفة الجاهل بقوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ـ ٧ الأنبياء». فان تجاوز وظيفته هذه صدق عليه قول الإمام علي (ع) : جاهل خبّاط جهالات .. لا يحسب العلم في شيء مما أنكره ، ولا يرى ان وراء ما بلغ مذهبا لغيره.
وهذا الجاهل هو المقصود بقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ). وبقوله في الآية ٨ من هذه السورة : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ