المعنى :
(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ). البدن هي الإبل خاصة كما في كثير من التفاسير ، منها تفسير الرازي والبيضاوي ، وياحق بها البقر في الحكم ، لا في الاسم .. وعلى أية حال فان الإنسان نتيجة لعوامل كثيرة ، منها البيئة التي يعيش فيها ، وقد عاش العرب وغيرهم في الجاهلية وبعدها بقرون ، عاشوا مع الإبل ، وكانت جزءا من حياتهم ، يأكلون من لحومها ، ويشربون من ألبانها ، ويلبسون من أوبارها ، وتحمل أثقالهم من بلد الى بلد .. أنظر تفسير الآية ٦ من سورة النحل ج ٤ ص ٤٩٧. ومن أجل هذا ذكرها الله سبحانه في العديد من آياته بلفظ عام كالانعام ، أو بلفظ خاص كما في الآية ١٧ من سورة الغاشية والآية التي نحن بصددها ، فلقد امتن سبحانه فيها على عباده بالبدن ، وجعل لها منافع كثيرة ، منها أن يتقرب العبد الى الله بنحرها في بيته الحرام ، والتعبير عن هذا النحر بشعائر الله يشعر بأنه من أفضل الطاعات والعبادات.
(فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ). من شروط الذبح والنحر التسمية والاتجاه بالمذبوح والمنحور الى القبلة والنحر للإبل ، والذبح لغيرها ، ولا تحل الإبل بالذبح ، كما لا يحل غيرها بالنحر ، والذبح معلوم ، أما النحر فهو ان يدخل الذابح سكينا أو ما إليها من الآلات الحادة في لبة البعير ، وهو قائم أو بارك أو مضطجع على جنبه شريطة أن يكون متجها بنحره وجميع مقاديم بدنه الى القبلة ، وأفضل صور النحر ما جاء في بعض الروايات ، وهو ان يقام البعير واقفا اتجاه القبلة ، وان تعقل احدى يديه ، ويقف الناحر متجها الى القبلة أيضا ، ثم يضرب في لبته ، وهذه الرواية تصلح تفسيرا لكلمة صواف.
(فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) سقطت على الأرض وخرجت الروح منها (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ). القانع الراضي بما تعطيه من غير سؤال ، والمعتر من يتعرض لك بالعطية (كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سخرها لنا سبحانه في كل ما نريده منها حتى الذبح ، فوجب له الشكر على هذا التسخير (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) لأن الله غني عن العالمين فضلا عن لحوم الاضاحي ودمائها ، بل لا غنى لشيء إلا به ومنه سبحانه وتعالى ، وقيل : ان هذا رد