منها الآية ٢١ و ١١٢ و ١٨١ من سورة آل عمران ، والآية ١٥٤ من سورة النساء ، بالاضافة الى ان تاريخ البشرية القديم والحديث مفعم بالمظالم والاعتداءات على المتقين والمخلصين .. فما هو وجه الجمع بين الآيات الدالة على ان الله ينصر أهل الحق والآيات التي أخبرت عن قتل الأنبياء؟
الجواب أولا : ان آيات النصر تدل بسياقها على انها خاصة ببعض الأنبياء دون بعض ، كنوح وهود وصالح ولوط ومحمد ، ويومئ الى ذلك قوله تعالى : (وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ) ـ ١٣ آل عمران ، والآيات التي نحن بصددها تدل على ان محمدا (ص) والصحابة هم المقصودون بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) لأنهم هم الذين أخرجوا من ديارهم لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله ، وقد جاء في كتب الصحاح ان هذه الآيات نزلت حين هاجر النبي من مكة الى المدينة.
ثانيا : ان المحق المخلص لا يخلو من ناصر ينصره بيده أو ماله أو لسانه ، ولا نعرف مجتمعا اتفق جميع أفراده ضد من نطق بكلمة الحق والعدل .. أجل ، ان كثيرا من المحقين قتلوا وأسروا وشردوا ، ولكن الله عز وجل قد أتاح لهم أنصارا يعلنون ظلامتهم ، ويشيدون بعظمتهم ، ويدينون أعداءهم بحجج دامغة ، وأدلة قاطعة ، وهذا مظهر من مظاهر النصر ، وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) تعليل لقوله : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) ويشعر هذا التعليل بأن على من آمن بالله ان يناصر المؤمن بما يملك من أسباب النصر ، وأدناها ان يدافع عنه إذا ذكر أمامه بسوء ، والا فهو خوان كفور .. وفي الحديث الصحيح : الساكت عن الحق شيطان أخرس.
ثالثا : لو كان مجرد الايمان بالله يدفع العدوان والنكبات عن المؤمن ـ ان صح التعبير ـ لآمن كل الناس ايمانا تجاريا تماما كمن يبيع دينه وضميره لكل من يدفع الثمن.
رابعا : ان الايمان الحق أن نطيع الله في جميع أحكامه وأوامره ، وقد أمر سبحانه إذا أردنا أمرا أن نتبع الأسباب الطبيعية التي جعلها مؤدية الى ما نريد ، وقد حدد سبب النصر بوحدة الكلمة ، وأعداد القوة ، قال تعالى : (وَلا تَنازَعُوا