ان العفو عن المسيء عند الظفر به محبوب عند الله ، هذا إذا كان الاعتداء على حق خاص ، اما الحق العام فلا عفو عنه.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ). تقدم مثله في الآية ٢٧ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٣٧. وذكر المفسرون أكثر من وجه لربط هذه الآية بما قبلها ، ولكنهم لم يأتوا بما تركن اليه النفس .. وفي المقدمة ج ١ ص ١٥ أشرنا الى ان القرآن ليس كتابا فنيا ، فيكون لكل مقصد من مقاصده باب خاص ، وانما هو كتاب هداية ووعظ ينتقل من شأن الى شأن ، قال الإمام علي (ع) : ان الآية يكون أولها في شأن وآخرها في شأن آخر.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ). الله هو الحق لدوام ذاته وعظيم صفاته ، وهو العلي حيث لا سلطان فوق سلطانه ، وهو الكبير الذي وسع كل شيء قدرة وعلما ورحمة ، والقصد من ذكر هذه الصفات هو الإيماء الى ان الله تعالى ينصر الذين آمنوا واتقوا ، ويخذل الذين كفروا وأفسدوا في الأرض.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ). تقدم مثله في الآية ٥ من هذه السورة ، والآية ١٦٤ من سورة البقرة وغيرها (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). غني عن العالمين وحمد الحامدين ، وفي نهج البلاغة : هو الغني بلا استفادة أي ان غناه تعالى ذاتيّ لا نسبي ، وانه لو احتاج الى شيء لم يكن إلها ، وقال ابن عربي في الفتوحات المكية : لا محمود إلا من حمده الحمد. يريد ان الله هو الحمد ، وانه لا أحد يستحق الحمد والثناء إلا من حمده الله أو رضي بأن يحمد ويثنى عليه.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ