خلق الإنسان ببيانه وقلبه وعقله .. ونكرر ما قلناه مرارا : انه قد جرت عادة القرآن الكريم أن يسند التغييرات الكونية الى الله لأنه ، جلت عظمته ، السبب لخلق الكون (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ) ومن مات فمرجعه الى خالقه (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) وتسألون عما كنتم تعملون.
(وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ). المراد بالطرائق السموات لأن بعضها فوق بعض .. عند تفسير الآية ٢٩ من سورة البقرة قلت : ان ذكر السبع لا يدل على حصر السموات بها ، وان السبب لذكرها بالخصوص قد يكون لخصائص فيها .. اكتفيت بهذا القول آنذاك لأني لا أعلم أكثر منه ، فما انا من أهل الاختصاص بعلم الفلك ، ولما وصلت الى تفسير هذه الآية قرأت مقالا علميا في جريدة الأخبار المصرية تاريخ ١٧ تموز سنة ١٩٦٩ بعنوان : «الله والإنسان والقمر جاء فيه ما يلي :
«ثبت علميا ان في الفضاء أكوانا غير الكون الذي نعيش فيه ـ أي المجموعة التي نراها من الكواكب بالعين المجردة أو بواسطة المكبّر ـ وان في كل كون من تلك الأكوان الأخرى شمسا أقوى من الشمس التي تشرق كل يوم لتضيء هذه الكرة الأرضية ، ويدور حول تلك الشمس عدد من النجوم في جاذبيتها .. ولا يمكن الوصول الى كوكب من كواكب تلك الأكوان الأخرى على الإطلاق مع العلم بأننا استطعنا بالأجهزة العلمية ان نثبت وجودها ، والسر في عجزنا هذا ان شمس تلك الأكوان ونجومها تبعد عنا ملايين السنين الضوئية .. فلو افترضنا ان الإنسان يمكن أن يسافر بسرعة الضوء فإنه يحتاج الى ملايين السنين ليستطيع الوصول الى أقرب كوكب من كواكب تلك الأكوان .. هذه حقيقة أثبتها العلم ، وأجمع عليها العلماء المتخصصون حديثا».
وعلى هذا يكون المراد بالسماوات السبع الأكوان الفضائية العلوية السبعة ، وليس الكواكب السبعة ، وان لكل كون فضائي علوي مجموعة من الكواكب التي لا يحصى عددها ، وان الإنسان لا يستطيع الوصول اليها لأنه لا يعيش ملايين السنين.