المعنى :
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ). بعد أن قال سبحانه : وما كنا عن الخلق غافلين ضرب لذلك مثلا بانزال الماء بمقدار ما ينتفع به الناس ، لا هو بالكثير فيفسد ، ولا بالقليل فيتضرر الزرع والضرع (فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) في العيون والآبار والجداول والأنهار لتنتفعوا به في غير فصل الشتاء (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ). ان الذي أنزله عليكم قادر على أن يمنعه عنكم ، أو يجعله غورا فلا يجديكم نفعا ، ولكنه لم يفعل رحمة بكم.
(فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) رطبا وتمرا من النخيل ، وعنبا وزبيبا من الأعناب ، وخص النخيل والأعناب بالذكر لأن العرب كانوا يعجبون بهما ولا يكادون يعرفون غيرهما (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ). المراد بالشجرة هنا شجرة الزيتون ، وطور سيناء الجبل الذي ناجى فيه موسى ربه ، والمراد به البقعة التي هو فيها .. وفي الزيتون فوائد ، منها انه طعام بذاته ، وأيضا يستخرج منه الزيت إداما ، وقال كثير من المفسرين : ان الله سبحانه خص هذه الأنواع الثلاثة بالذكر لأنها أكرم الأشجار وأكثرها نفعا ، والصحيح ما أشرنا اليه من انها كانت أكثر انتشارا من غيرها عند العرب. وتقدم نظير هذه الآيات أكثر من مرة. أنظر الآية ١٠ وما بعدها من سورة النحل ج ٤ ص ٥٠١.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ) الإبل والبقر والغنم والمعز (لَعِبْرَةً) آية تعتبرون بها (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) ألبانا (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) من ذلك أصوافها وأشعارها وأوبارها (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) أي من لحمها (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) من مكان الى مكان. تقدم في عديد من الآيات. أنظر تفسير الآية ٥ وما بعدها من سورة النحل ج ٤ ص ٤٩٨.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ