للشياطين على الأنبياء لقوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) ـ ٤٢ الحجر.
وتسأل : إذا لم يكن للشياطين على الأنبياء سلطان فلما ذا أمر الله نبيه ان يتعوذ منهم؟
الجواب : ان الاستعاذة من الشيء لا تستدعي إمكان وقوعه ، فان المعصومين يتعوذون بالله من غضبه وعذابه أكثر من غيرهم مع انهم في أمن وأمان .. وبكلام آخر ان الالتجاء الى الله دعاء ، والدعاء يجوز لدفع السوء والبلاء مع العلم بعدم وقوعه .. وأشرنا فيما تقدم الى ان الأتقياء كثيرا ما يعرضون بالأشقياء في أدعيتهم.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ). حين أمكنته الفرصة من العمل الصالح ضيعها وأهملها ، وبعد ان حضره الموت وعاينه طلب الرجعة الى الحياة ليعمل .. وهكذا كل مقصر يضيع الفرصة حين يتمكن منها ، فإذا فاتته تلهف عليها ، ومات آسفا (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها). كلا حرف ردع وزجر ، والمراد بالكلمة قوله : (ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) والمعنى لا رجوع أبدا .. حتى لو استجاب الله لطلب هذا المقصر وأرجعه ثانية الى الحياة لعاد الى طغيانه وعصيانه ، أما قوله : لعلي أعمل صالحا فهو مجرد كلام بلا معنى ولا وفاء ، وقد أوضح سبحانه ذلك في الآية ٢٨ من سورة الأنعام : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). انظر ج ٣ ص ١٧٩.
(وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ). من ورائهم كناية عن جميع الجهات. والبرزخ الحائل ، والمعنى انهم طلبوا الرجعة الى الحياة الدنيا ، وبينهم وبينها حائل يبقى الى يوم القيامة ، وحينذاك ينتهي البرزخ ويرتفع الحائل ، ولكن لتذهب الخلائق الى ربها وتقف بين يديه للحساب والجزاء.
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ