أو كافرا ، فاسقا أو عادلا ، قال تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) ـ ٥ النساء ، ولم يقل : فإن آنستم منهم دينا أو عدلا ، وتواتر عن الرسول الأعظم (ص) انه قال : «الناس مسلطون على أموالهم» ولم يقل : المؤمنون أو العادلون ، فالشرط الوحيد لصحة هذا التصرف هو الرشد في المال ، لا في الدين ، ولو كانت العدالة والرشد شرطا لصحة تصرف الإنسان في ماله لاختل النظام ، وتعطلت الحياة : لأن أهل الأرض كما نعلم وتعلمون ، فمن أين نأتي بأهل الدين والعدالة.
وعلى رأينا هذا الحنفية والمالكية والحنابلة ، أما الشافعية فقد ذهبوا إلى أن الرشد هو الصلاح في الدين والمال (المغني لابن قدامة).
(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً). ضمير عنهم يعود الى ذي القربى والمسكين وابن السبيل ، والقول الميسور هو القول السهل اللين ، والمعنى إذا سألك واحد من هؤلاء الثلاثة شيئا من المال ، ولم تجد ما تعطيه ، ودعوت الله ان يغنيه ويغنيك من فضله ورحمته ، إذا كان كذلك فقل له قولا سهلا لينا ، وذلك بأن تعده عدة حسنة تبعث في نفسه الأمل والرجاء .. وفي الحديث : ان لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم. ويقول الشاعر : فليسعد النطق ان لم يسعد الحال.
٢ ـ (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً). التوازن والتعادل أساس كل شيء في الإسلام ، عقيدة وشريعة وأخلاقا .. لا الحاد ، ولا تعدد آلهة .. لا الغاء ملكية ، ولا ملكية طاغية .. لا دكتاتورية للفئات والأفراد ، ولا حكم لكل من شاء وأراد .. لا رهبانية ، ولا اندفاع مع الشهوات. (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) ـ ٨ الرعد. وقوله : وكل شيء يشمل الخلق والإيجاد ، ويشمل التحليل والتحريم ، وقوله : بمقدار أي بتقدير ونظام موافق للحكمة والمصلحة ، ليس فيه افراط ولا تفريط ، ولا جزاف ولا