والمزورون في عهد رسول الله (ص) ، وان الدافع على هذا الظلم والتزوير واحد ، وهو الخوف من الحق الذي يفضح هؤلاء وأولئك ، ويظهر للملإ مساوءهم ومقاصدهم.
(وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). احتار المفترون ما ذا يقولون؟ هل يشيعون ان محمدا درس علوم القرآن على غيره؟ ومن يصدق ، وكل الناس يعلمون ان محمدا أمي لا يقرأ ولا يكتب؟ وأخيرا خيل اليهم أنهم وجدوا المخرج ، وهو ان يقولوا ويكذبوا ان القرآن لا شيء فيه سوى أساطير كتبت لمحمد ، وتليت عليه مرارا وتكرارا حتى حفظها ، ثم صاغها بأسلوبه وأذاعها على الناس على أنها من عند الله لا من عنده .. وهكذا يفعل أرباب الأهداف والأغراض في كل زمان ومكان ، يشيعون ويفترون على الطيبين الأحرار لا لشيء إلا حرصا على عدوانهم وطغيانهم ، وإلا خوفا على مكاسبهم الظالمة من الحق وأهله .. ولكن أين المفر؟ وهل تطفأ أنوار الشمس بالنفخ من الأفواه؟. وهل الكواذب تغير الحقائق؟ ان الكاذب مفضوح وملعون على كل لسان ، وان تستر بألف حجاب وحجاب ..
(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). قل يا محمد : كلا ، ليس القرآن خرافة وأساطير ، ولا هو مأخوذ من التوراة والإنجيل .. انه علم ونور أنزله الله على قلبك لتهدي به الأجيال الى نهج الحق والخير والعدل ، انه من الله الحكيم العليم بأسرار الكون ، وما يصلح الخلائق ويفسدهم ، وأنت تبلغهم عن الله ما فيه خيرهم وشرهم ، ونجاتهم وهلاكهم (إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) يرحم العاصي بالامهال ، مع التحذير والانذار ، ولا يعالجه بالعقوبة على خطيئته عسى أن يرجع الى ربه ، ويتوب من ذنبه ، فإن فعل غفر له ، وعفا عما سلف ، وإلا لقي جزاءه وما يستحق من أليم العذاب.
(وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ