٣ ـ (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها). هذا هو منطق أرباب المال .. بنك وعقار ، فكيف يؤمنون بمن يقول : لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى؟ ان الفضل والحرية عندهم بالمال .. بالبذخ والترف من غير كد وعمل ، أما من يكد ليعيش فهو عبد ، عليه أن يسمع ويطيع .. فكيف يختار الله محمدا ، ويفضله على الأغنياء ، وهو يعاني الفقر والعوز؟. ولو اختاره الله واصطفاه ، كما يدعي ، لأنزل عليه كنزا من السماء ، أو كان له بستان يعيش منه من غير كد وعناء .. وما زال هذا المنطق يسيطر حتى اليوم ، فالحكم والسلطان في أكثر البلاد أو الكثير منها لأصحاب الشركات والمصارف ، أو لمن يختارونه حارسا لمكاسبهم وثرواتهم. أنظر تفسير الآية ٩٠ من سورة الاسراء ، فقرة «التفكير من خلال المال».
(وَقالَ الظَّالِمُونَ ـ للمؤمنين ـ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً). تقدم نظيره في الآية ١٠٣ من سورة الاسراء (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) بأنك فقير ومسحور (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) لابطال نبوتك وردك بالحجة والدليل.
كذّبوا برسالة محمد (ص) ، ونعتوه بالافتراء فكانوا هم المفترين ، لأن من قال للعالم : أنت جاهل ، وللمخلص : أنت خائن ـ فقد شهد على نفسه بالجهل والخيانة. وعلى هذا فان الأمثال التي ضربوها لرسول الله (ص) هي شواهد وأمثال لجهلهم وافترائهم وعنادهم للحق ، ولكنهم لا يشعرون ، تماما كمن رأى قبح وجهه في المرآة فظن القبح فيها ، لا في وجهه .. وهذا هو شأن الجاهل المغرور. (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً). ان الذي خلق الكون بأرضه وسمائه قادر على ان يهب نبيه الكريم الكثير من المال والعقار ، ولكن العظمة عند الله لا تقاس بالمال ، وإنما تقاس بالتقوى وصالح الأعمال ، وجزاء المتقين والصالحين نعيم قائم ، وهناء دائم ، أما الحياة الدنيا فهي أهون من ان يجعلها الله ثوابا لأوليائه وأهل طاعته ، وفي