الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) والجبلة عطف على الضمير في خلقكم ، والمعنى خافوا عذاب الله الذي أوجدكم وأوجد الذين من قبلكم.
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ). تقدم بالحرف في الآية ١٥٣ من هذه السورة. (وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ). أنت تتعمد الكذب في دعوى الرسالة بدليل انك بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، ولو نزل الوحي على البشر لكان جميع الناس أنبياء .. قال ابن هشام في كتاب المغني ـ إذا لم تخني الذاكرة ـ ان رجلا قال لآخر : ما ذا فعل أبوك بحماره؟ فقال له : باعه بكسر العين. فقال السائل منكرا : لما ذا كسرت العين؟ قال : لأنك كسرت الراء .. أتجر باؤك ، وبائي لا تجر؟ والى هذا وأمثاله يؤدي القياس بأهله.
(فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). حذرهم من العذاب ، فسخروا منه ، وقالوا : أين هو هذا العذاب الذي تهددنا به؟ أنزله علينا قطعا من السماء ان كنت صادقا في دعواك (قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) والأمر اليه وحده ، ان شاء عجل ، وان شاء أجل (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). لم يبين سبحانه ما هي هذه الظلة ، وقال المفسرون : انها سحابة استظلوا بها من حر أصابهم ، فأمطرتهم نارا أحرقتهم عن آخرهم.
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي