قال كثير من المفسرين : ان هذه الآية والتي بعدها نزلتا في الذين عبدوا الملائكة وعيسى وعزيرا ، وان عبدة الأصنام غير مقصودين لأنه تعالى وصف المعبودين بأنهم (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) وابتغاء الوسيلة اي القربة اليه لا يليق بالأصنام ، وعليه يكون المعنى قل يا محمد لمن عبد الملائكة وعيسى وعزيرا : إذا أصابك الضر كالفقر او المرض فاسأل معبودك ان يكشفه عنك ، ثم انظر : هل يقدر على دفعه او تحويله الى غيرك؟ .. وما من شك في عجزه لأنه لا يملك ذلك لنفسه فكيف يملكه لغيره.
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ). أولئك اشارة الى الذين اتخذهم المشركون أربابا ، والمعنى ان الذين تعبدونهم ايها المشركون يتوسلون الى الله بالطاعة لا يستكبرون عن عبادته ويسبحون له ويسجدون ، فكيف تعبدونهم؟. (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) اي ان كلا من الملائكة وعيسى وعزير يجد ويجتهد في عبادة الله والإخلاص له ليكون قريبا من عفوه ورحمته ، بعيدا من سخطه وعذابه. ذلك (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) تحذره الأنبياء والأولياء ، فكيف بغيرهم ، وكل عاقل يحذر ويخاف من العواقب ، ويعد لها العدة مهما كانت منزلته ومقدرته ، وبخاصة إذا كان الطالب والمحاسب يعلم السر وأخفى.
(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨) وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩) وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ