بمقداره ، والمعنى لو ركنت الى المشركين يا محمد لعذبناك بمثلي عذاب غيرك في الدنيا والآخرة لو فعل ذلك ، لأن عقوبة العظماء تكون على مقدار عظمتهم ومكانتهم ... هذا مجرد فرض ، وفرض المحال ليس بمحال (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) يدفع عنك العذاب. وفي نهج البلاغة : «يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر ، فيلقى في جهنم ، يدور فيها كما تدور الرحى ، ثم يربط في قعرها».
(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً). لما عجز المشركون عن استدراج النبي (ص) الى المساومة حاولوا أن يستخفوه ويزعجوه بكل وسيلة لكي يخرج من مكة ، ولو أخرجوه لأهلكهم الله بعد خروجه بزمن قليل.
وتسأل : من المعلوم ان المشركين اتفقوا على قتل النبي حتى اضطر الى الخروج من مكة خائفا يترقب ... ذكرنا ذلك في ج ٣ ص ٤٧٢.
الجواب : المراد ان المشركين لو اخرجوا النبي عنوة وقسرا بحيث يصبح شريدا طريدا لا يدري أين يتجه لعجل الله في هلاكهم .. ولكن النبي حسين خرج من مكة انما خرج منها بأمر الله الى قوم يفدونه بالأنفس والمال والعيال.
(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً). لقد سبق في حكم الله وقضائه ان أي قوم يخرجون نبيهم من دياره قسرا وعنوة أن يعجل في هلاكهم ... وهذي هي سنته في خلقه لا تتغير ولا تتبدل ، بل تطرّد في كل زمان ومكان.
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي