به الأود بعد ان انسدت عليه المسالك والمذاهب فهو عند الله بريء لا يستحق العذاب والعقاب.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) للروح معان ، والمراد بها هنا الحياة ، وقد سئل النبي (ص) عن حقيقتها ، فأمره الله ان يقول للسائلين : ان الروح من الأشياء التي يوجدها الله بأمره ، وهو قوله للشيء «كن فيكون» وبتعبير أوضح ان الأشياء على نوعين : النوع الاول يوجده الله عن طريق أسبابه الطبيعية كجسم الإنسان وغيره من الماديات. النوع الثاني يوجده الله بمجرد الأمر ، وهو كلمة «كن» والروح من هذا النوع ، والآية صريحة في ذلك ، لان كلمة الامر في قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) اشارة الى الامر الذي في قوله : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٨٢ يس.
وقد أثبتت التجارب هذه الحقيقة ، وآمن بها الذين تخصصوا وتفرغوا السنوات الطوال للبحث عن اصل الحياة ، آمنوا بهذه الحقيقة بعد ان تبين لهم ان السبب المباشر للحياة لا يمت الى المادة بصلة ، ولو كان من نوع المادة لاستطاعوا ان يصنعوا الحياة في مصانعهم ومختبراتهم وقد حاولوا فاخفقوا. (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) أي مهما أخرجت مصانعكم من عجائب المخترعات فإنها ليست بشيء إذا نسبت الى خلية من خلايا الذبابة فضلا عن الذبابة نفسها (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) ـ ٧٢ الحج. وتكلمنا عن ذلك عند تفسير الآية ٩٥ من الانعام ج ٣ ص ٢٣٢.
وتشاء الصدف ان اقرأ ـ وانا أفسر هذه الآية ـ مقالا في مجلة روز اليوسف