السوء كما تدور على كل طاغية (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً). أغرقهم الله بعد ان اعذر اليهم بحجج واضحة ، ودلائل ظاهرة ، فأبوا الا تماديا في الكفر والطغيان.
(وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ ـ اي بعد فرعون ـ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ). لقد اتسعت الأرض لبني إسرائيل بعد ان اتسع لهم الا من بهلاك فرعون .. وخيّرهم الله في ان يقيموا اين شاءوا من الأرض .. وكان المفروض ان يشكروا الله على هذه النعمة .. ولكنهم طغوا وبغوا ، فعبدوا العجل من دون الله ، وقالوا : يد الله مغلولة ، وهو الفقير ، وهم الأغنياء ، وقتلوا الأنبياء ، وأكلوا السحت والربا ، وحرفوا التوراة ، وحاولوا قتل السيد المسيح (ع) ، ورموا امه بالفجور .. الى غير ذلك من المفاسد التي سجلها الله في التوراة والإنجيل والقرآن ، وسجلها الناس في كتب التاريخ القديم والحديث .. وكفى بالصهيونية شاهدا على حقيقة هذه الفئة الباغية ؛ وانها شر ووبال على الانسانية كلها.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً). الخطاب لبني إسرائيل ، والآخرة يوم القيامة ، ولفيفا مجتمعين مختلفين ، والقصد هو الانذار والوعيد على ما سيكون من بني إسرائيل من اثارة الفتن والإفساد في الأرض .. هذا هو الظاهر من لفظ الآية. ولو جاز تفسير القرآن بالرأي لقلنا : ان كلمة لفيف تشير في الآية الى تجمع اليهود والصهاينة في ارض فلسطين من هنا وهناك ، وان الله سبحانه سيسلط عليهم اولي بأس شديد يسوءوا وجوههم ، وكان وعدا مفعولا .. والحق ما قلناه عند تفسير الآية ٤ وما بعدها من هذه السورة فراجع.
(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ