مثله في الآية ٣٣ من سورة التوبة ج ٤ ص ٣٤ (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) على أنه يظهر الإسلام على الدين كله.
حكى سبحانه في كتابه العزيز ان موسى بن عمران دعا بني إسرائيل الى القتال بأمر من الله ، فقالوا له : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) ـ ٢٤ المائدة. وأيضا حكى ، عظمت كلمته ، ان قوم السيد المسيح حاولوا قتله وصلبه ، وان حوارييه قالوا له : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ)؟. ولما قال لهم نبيهم : (اتَّقُوا اللهَ). (قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها) ـ ١١٣ المائدة. وأنزل جل وعز سورة خاصة في ذم المنافقين من أصحاب الرسول (ص) وغيرها عشرات الآيات ، وأيضا أنزل الكثير في المدح والثناء على المتقين الأبرار منهم ، من ذلك قوله : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) ـ ١٨ الفتح. وقوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ـ ١٠١ التوبة. وقوله :
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) يجتمع المجرمون يدا واحدة على صيد الفريسة ، ثم يتناحرون على أكلها ... أما المخلصون فإنهم على نهج واحد لا تلون فيه ولا اختلاف على شيء ، اخوان في دين الله يتعاطفون ويتعاونون فيما بينهم تماما كالأسرة الواحدة ، وأعوان للحق وأهله ، وحرب على الباطل وحزبه ... وهذه هي بالذات صفة الخلص من أصحاب محمد (ص) بشهادة الله تعالى حيث عطفهم على نبيه الكريم ، ووصفهم وإياه بالغضب لله والرضا لله ... وأدرك هذا الدكتور طه حسين ، وهو الأديب الذي يفهم بالاشارة ولحن الدلالة ، قال في كتاب «مرآة الإسلام» : «لم يكن اسلام الأنبياء طاعة ظاهرة ، وانما كان إسلامهم أوسع وأعمق وأصدق ما يمكن أن يكون الإسلام ، وإسلام الصالحين من أصحاب النبي (ص) كذلك لم يكن ضيقا يقف عند الطاعة الظاهرة ، وانما كان أوسع وأعمق من هذا».