بني الإنسان قاطبة دون استثناء ، وهذه هي دعوة الإسلام بالذات ، ويدل عليها عشرات الآيات والروايات ، نكتفي منها بذكر آية ورواية ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ـ ١٣ الحجرات. فنداؤه تعالى بيا أيها الناس مع قوله : من ذكر وأنثى .. وأتقاكم دليل قاطع وواضح على ان دعوة القرآن انسانية عالمية تعتبر الإنسان أخا للإنسان مهما كانت عقيدته وقوميته وجنسيته ، ومثل هذه الآية معنى ووضوحا قول الرسول الأعظم (ص) : «الناس سواسية كأسنان المشط ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأحمر على اسود ، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى .. كلكم من آدم وآدم من تراب». بالاضافة الى الآية ٣٠ من سورة الروم التي تنص على ان دين الإسلام هو دين الفطرة ، والآية ٢٣ من سورة الأنفال التي تدل على ان دين الله هو دين الحياة.
وبهذا يتبين معنا ان كتاب الله وسنة رسوله يعتبران الايمان بالإنسان جزءا متمما للايمان بالله ورسله وكتبه ، وعليه يكون المراد بالمؤمن في الآية والمسلم في الحديث هو الذي يؤمن بالله وبالإنسان بما هو انسان .. وبكلام آخر لا صراع ولا تناقض بين الاخوة الانسانية والاخوة الاسلامية ، بل هذه تدعم تلك ، وتزيدها قوة ورسوخا.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١))