(إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ). هذا جواب قسم (وَالذَّارِياتِ) والمراد بما توعدون الإحياء بعد الموت ، وبالدين الحساب والجزاء ، والمعنى ان الله يبعث من في القبور لا محالة ، وانه تعالى يجزي الإنسان بأعماله ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشرّ (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) بضم الحاء والباء ، وفي تفسيره أقوال أرجحها انه الخلق الحسن ـ بفتح الخاء ـ أي ان في خلق السماء إحكاما ونظاما وزينة وجمالا (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ). الخطاب لمن كذّب الرسول الأعظم (ص). وأقوالهم كلها خلط واضطراب .. وكذب ووهم .. فمنها عن الرسول (ص) : انه مجنون الى شاعر وساحر. وعن القرآن : انه أساطير الى رجز من نظم محمد (ص) (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) أي يصرف عن الدين والحق من صرفه عنه الهوى والجهل ، ومثله تماما «لا يعمى عن ذلك إلا أعمى».
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) وهم الذين بيّنهم سبحانه بقوله : (الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ). غمرهم الجهل والضلال من فرع الى قدم .. فوزعوا ظنونهم جزافا ومن غير أساس على الأرض والسماء ، وعلى البعث والجزاء ، وقالوا : لله شركاء من الأحجار ، وبنات من الجن والملائكة ، أما البعث فحديث خرافة (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)؟ يقولون ساخرين : متى يكون البعث والحساب؟ فيجيبهم سبحانه : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ). يكون البعث يوم يعرضون على جهنم ويحرقون فيها. ويقال : فتنت الشيء أي أحرقته بالنار ليخرج ما فيه من الغش ، وتقول ملائكة العذاب للمجرمين : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ). هذا هو العذاب الذي تعجلتم به ، وسخرتم بالأمس منه .. فكيف رأيتم طعمه ومذاقه؟.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ