في الزجر عن الباطل (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ). كل ما جاء في القرآن فهو حكمة بلغت الغاية في العظة والدلالة على الحق ، ولكن (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) مع العناد والإصرار على الكفر والضلال.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) يا محمد لأنك قد بلّغتهم رسالات ربك ، فلم يستجيبوا ، وبالغت في النصيحة فلم يقبلوا (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ). والنكر بضم النون والكاف ، وهو ما تنكره النفوس ولا تطيق له حملا ، والمراد به هنا العذاب .. وهذا تهديد ووعيد للذين أعرضوا عن الحق ، وان لهم يوما اسود لا مفر من عذابه ، وهو اليوم الذي يخرجون من القبور الى لقائه وحسابه أذلاء خاضعين يموج بعضهم ببعض من الحيرة والدهشة (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) لكثرتهم حيث يجمع الله الأموات بعد إحيائهم ، ويلحق آخرهم بأولهم ، وفيه إيماء الى ان الحشر يكون بالروح والجسم معا (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) مسرعين الى دعوة الله للحساب والجزاء (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) شديد الأهوال والمخاطر ، عظيم الآلام والمخاوف ، ومثله : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) ـ ٤٤ المعارج.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧))