(سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ). هل هو صالح أو الذين كذبوه؟. أجل ، سيعلمون عما قريب انهم هم المفترون البطرون عند ما يمتحنهم الله بالناقة ، فيعقرونها ، ويحل عليهم غضب من ربهم وعذاب مهين (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) ابتلاء وامتحانا يتميز به الخبيث من الطيب (فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ) انتظر قليلا يا صالح ، واصبر على أذاهم ، وسترى ما يحل بهم من العذاب والهوان.
(وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ). أخبرهم ان الماء مناصفة بينهم وبين الناقة .. هم يحضرون يوما يستوفون فيه نصيبهم من الماء ، وتحضر هي يوما لنفس الغرض (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ). لم ترضهم قسمة الماء هذه فدعوا أشقى رجل فيهم ليعقر الناقة ، فلبى الشقي الدعوة ، قال تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) ـ ١٢ الشمس. فعقر الناقة ، ووقع العذاب .. واختلف المفسرون في قوله تعالى : «فتعاطى» ما ذا أراد به؟. فمن قائل : المراد ان الشقي شرب الخمر ثم عقر الناقة. وقائل : انه حمل آلة العقر وأقبل على الناقة وعقرها .. وغير بعيد أن يكون المراد بالتعاطي هنا الاقدام بدون اكتراث.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)؟. كان مدمرا ، والتكرار مبالغة في التحذير والانذار (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ). أخذتهم صيحة العذاب فأصبحوا كفتات النبات اليابس تذروه الرياح. وقال الرازي : «استعمل الهشيم كثيرا في الحطب المكسر اليابس». وهذا الهشيم يحظره صاحب الحظيرة لماشيته ، وعليه يكون وصف الهشيم بالمحتظر مجازا لا حقيقة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). وعسى أن ينتفع بهذا التكرار من ضل سواء السبيل. وتقدمت قصة هود وصالح في سورة هود وغيرها.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ