الاعراب :
قال صاحب مجمع البيان : الرحمن خبر لمبتدأ محذوف ، والأرجح انه مبتدأ وما بعده خبر. ورفعها مفعول لفعل محذوف يفسره الفعل الموجود. والمصدر من أن لا تطغوا مفعول من أجله لوضع أي وضعه لئلا تطغوا فيه.
المعنى :
(الرَّحْمنُ). ذكر سبحانه في هذه السورة العديد من نعمه على عباده ، وابتدأها جل وعز بكلمة الرحمن لأنها تومئ الى الإنعام والأفضال.
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أي نزّله. والقرآن يشبه الكون في جهات ، منها ان القرآن من كلامه تعالى ، والكون وجد بكلمة «كن». ومنها ان كلا منهما يدل بالحس على قدرة الله وعظمته ، فالكون تراه العيون ، والقرآن تسمعه الآذان ، ومن ثم قال أحد المؤمنين : ان لله كتابين : أحدهما يتلى ويسمع ، وهو القرآن. وثانيها ينظر ويلمس ، وهو الكون. ومنها ان كلا من الكون والقرآن فيض من قدرة الله وحدها ، ويستحيل أن يأتي أحد بشيء من مثله. ومنها ان كلا منهما نعمة كبرى أسبغها سبحانه على الإنسان ، فهو يتمتع بخير الأرض والسماء ، ويهتدي بنور القرآن الى طريق الهناء وسعادة الدارين .. ولذا امتنّ سبحانه على الإنسان بالشمس والقمر والأرض والمطر ، وبالرياح والزرع والأشجار والأنعام .. الى ما لا يبلغه الإحصاء.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ). المراد بالبيان كل ما يدل على المقصود من لفظ أو خط أو رسم أو اشارة .. أجل ، ان الكلام أظهر افراد البيان ، وأداته وهو اللسان أطوع أعضاء الإنسان للإنسان ، وأكثرها حركة ، وأعظمها سرعة ، ولا يعرف التعب والملل ، ولا توجد هذه الصفة في سائر الأعضاء.
والبيان وبخاصة الكلام من أعظم النعم وأتمها ، فبه يعبّر الإنسان عن مقاصده ، ويفهم مقاصد الآخرين ، ويتجاوب معهم ويتعاطف ، ويقضي حاجته وحاجة غيره ، وبالبيان يستبين الكفر والايمان ، وعليه ترتكز العلوم والآداب والفنون ،