وتعرف الأديان ، قال بعض العلماء : «كل ما يتناوله العلم يعبر عنه بالبيان ، ولا شيء إلا والعلم متناول له».
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ). أي يجريان بانتظام كامل ، وقوانين ثابتة ، وبهذا الانتظام تحفظ الحياة على الأرض ، وتختلف الفصول ، وتعرف الأوقات (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ). قال أكثر المفسرين : المراد بالنجم هنا النبات الذي لا ساق له كالبقل لأن الله سبحانه ذكره مع الشجر في مقابلة الشمس والقمر ، أما السجود هنا فمعناه ان كلا من البقل والشجر يدل على وجود الله وعظمته بما فيه من دقة الصنع. أنظر تفسير الآية ٤٤ من سورة الإسراء ج ٥ ص ٤٧ فقرة «كل شيء يسبّح بحمده».
(وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ). المراد بالسماء ما فيها من الكواكب ، وبالميزان كل ما تعرف به حقائق الأشياء ومقاديرها ماديا كان كالصاع والمتر والميزان ذي الكفتين ، أو معنويا كالوحي وبديهة العقل والفطرة ، ومراد أيضا ان هذا الكون العجيب قد انتظم واستقام لأن الله سبحانه قد رفع الكواكب الى مواقعها الطبيعية بحيث لو انحرف كوكب منها عن المكان الذي قدره الله له لاختل نظام الكون وتبدل كل شيء .. وأيضا لا يستقيم أي مجتمع بشري إلا إذا خضع لموازين أخلاقية (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ). المراد بالطغيان هنا الاعتداء بالسلب والنهب ، والمراد بالخسران الاعتداء بعدم تسليم الحق لذويه : والقسط هو ترك الاعتداء بشتى أنواعه ، فتؤدي ما عليك ، ولا تأخذ أكثر من حقك .. ومستحيل أن يعيش المجتمع حياة هادئة لا مشاكل فيها ولا تعقيد إذا أهمل الحق والعدل ، وساد فيه الطغيان والخسران.
والخلاصة ان هذه الآية ـ على ايجازها ـ قد أشارت الى ما يتم به ويستقيم نظام الكون والمجتمع ، والأول نظام تكويني ، وقد أتمه الله سبحانه على أكمل وجه ، والثاني نظام تشريعي أوجب سبحانه على عباده مراعاته والعمل بموجبه.
(وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) فراشا ومعاشا ، والمراد بالأنام كل ما فيه روح من انسان وحيوان (فِيها فاكِهَةٌ) كثيرة وغيرها من الأطعمة والأشربة (وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) وهي أوعية الطلع تنشق وتخرج منها الثمار عند بلوغها النضج ،