(هُوَ الْأَوَّلُ) بلا ابتداء كان قبله ، ومنه ابتداء كل شيء (وَالْآخِرُ) بلا انتهاء يكون بعده ، واليه ينتهي كل شيء (وَالظَّاهِرُ) بالآثار والأفعال لا برؤية الحواس (وَالْباطِنُ) لا تحيط العقول والأوهام بكنهه وحقيقته ، وإنما يتجلى لها بآثاره. وفي نهج البلاغة : الحمد لله الذي أظهر من آثار سلطانه وجلال كبريائه ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، وردع هماهم النفوس عن عرفان كنه صفته .. قرب فنأى ، وعلا فدنا .. سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) هو عالم بكل شيء لأنه خالق كل شيء.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ). المراد بالأيام الدفعات أو الأطوار ، وبالاستواء الاستيلاء ، وبالعرش الملك. وتقدم مثله في الآية ٥٤ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٣٨ والآية ٣ من سورة يونس والآية ٧ من سورة هود والآية ٥٩ من سورة الفرقان والآية ٤ من سورة السجدة.
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) من كنوز وبذور ومياه .. حتى التفجيرات الذرية في جوف الأرض التي يقوم بها أعداء الله والانسانية فان الله يعلم حقيقتها وآثارها المهلكة ، ويعلم ان الهدف منها السيطرة على عباد الله وإخضاعهم لسياسة الاستعمار ، ونمو صناعته الحربية .. وأيضا يعلم الله (ما يَخْرُجُ مِنْها) من نبات وحشرات ومياه .. حتى البترول فإن الله يعلم الأرض التي ينبع منها ، والأيدي التي تستخرجه وتعمل فيه والشركات التي تسلبه وتنهبه والحروب التي تثيرها من أجله (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من ماء وثلوج وأنوار ، وما الى ذلك من خيرات .. وقد علم بالذين صعدوا الى القمر لعلهم يهتدون الى وسيلة يحتكرون بها بركات السماء ، ويحبسونها عن عباد الله وعياله تماما كما فعلوا في الأرض وخيرات الأرض ، ولكن الله ، جلت حكمته ، ردهم ـ في المحاولة الثالثة ـ على أعقابهم خاسئين (وَما يَعْرُجُ فِيها) وأيضا يعلم سبحانه كل ما يدور ويجول في الفضاء .. حتى طائرات التجسس وحاملات القنابل الذرية والأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض لأغراض شيطانية كالتجسس وإرهاب المستضعفين واغتصاب أرزاقهم ومقدراتهم.
(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). هذا تهديد ووعيد لكل طاغ وباغ بان أعماله محفوظة عند الله ، وانه مرتهن بها ومحاسب عليها حسابا دقيقا