دائم ، وجحيمها دائم ، لأن سبب النعيم رضوان الله ، وسبب الجحيم غضبه تعالى ، وكل منهما قائم بقيام سببه (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ). نقل الرازي عن الصحابي الجليل سعيد بن جبير انه قال عند تفسير هذه الآية : «الدنيا متاع الغرور إذا ألهتك عن طلب الآخرة ، أما إذا دعتك الى طلب رضوان الله وطلب الآخرة فنعم المتاع ونعم الوسيلة». وهذا الصحابي من تلامذة الرسول (ص) المقربين.
(سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ). المراد بالمغفرة هنا سببها كالتوبة والعمل الصالح. وقال بعض المفسرين : إذا كان عرضها كذلك فما ظنك بطولها؟. وقال آخر : ان المراصد الحديثة كشفت ان أبعاد الكون لا حدود لها ، وعليه فالمراد العرض حقيقة لا مجازا! .. وبالرغم من هذا الكشف فنحن لا نفهم من العرض هنا إلا التعبير عن عظمة الجنة وسعتها لا تقدير مساحتها حقيقة. وتقدم مثله في الآية ٣٣ من سورة آل عمران ج ٢ ص ١٥٦ (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) على الناس ، ولكن أكثر الناس لا يشكرون ، وليس من شك ان الطاعة سبب للمزيد من فضله ، بل هي السبب لفضله ورضوانه في يوم الفصل.
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ). ضمير نبرأها يعود إلى أنفسكم ، والمعنى الظاهر من هذه الآية ان المصائب بكاملها هي من الله سواء أكانت من نوع الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات ، أم كانت اجتماعية كالحروب والفقر والعدوان .. وهذا غير مراد قطعا بحكم الوحي والعقل ، وفيما يلي التوضيح :
قال صاحب الظلال عند تفسير هذه الآية : «اللفظ على إطلاقه اللغوي لا يختص بخير أو بشر فكل مصيبة تقع في الأرض كلها وفي النفس البشرية أو المخاطبين هي في ذلك الكتاب الأزلي من قبل ظهور الأرض وظهور الأنفس».