بالأمر هنا الدين ، والمعنى لقد جعلناك يا محمد على عقيدة التوحيد وخلع الشرك والأنداد ، وأعطيناك الشريعة السهلة السمحة ، فتمسك بها وادع اليها ، أما قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فمعناه ان المجرمين لا يتبعون إلا الهوى والغرض ، وما عليك إلا أن تمضي في دعوتك ولا تأخذك فيها لومة لائم ، وهو سبحانه يكفيك كيد الكائدين وشر المتآمرين.
(إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) لأن من عجز أن يدفع عن نفسه فهو عن مؤازرة غيره أعجز (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ). لا يجد المجرم في الحياة الدنيا من يناصره ويؤازره إلا من كان على شاكلته في الإجرام والآثام .. والطيبون أعداء له وحرب عليه ، أما في الآخرة فيلعن المجرمون بعضهم بعضا (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) دنيا وآخرة (هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). هذا إشارة الى القرآن ، والبصائر الدلائل التي تبصر بها الحق وطريق الهداية ، وما من شك أن من يأتم بالقرآن فهو على علم اليقين بأنه على هدى من ربه ، وداخل في رحمته. وتقدم مثله في الآية ٢٠٣ من سورة الاعراف ج ٣ ص ٤٤١.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٣) وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى