من الآداب والأخلاق في شيء أن يقيم القادم أحدا من مجلسه ، فلقد كان الرسول الأعظم (ص) يجلس حيث ينتهي به المجلس .. أجل ، إذا طلب صاحب المجلس القيام من أحد الجالسين فينبغي ان يجيبه .. ولكن لا ينبغي لصاحب المجلس ان يطلب ذلك إلا لمبرر كما لو خرج الجليس عن الآداب ، أو كان للقادم شأن أجل وأرفع عند الله ، قال تعالى :
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). ان الله خبير بأهل الفضل وغيرهم ، وعليم بمراتب الفضل ودرجاته ، وهو يعطي لكل ذي فضل حقه ، وأفضل الناس عنده أشدهم ورعا عن محارمه ، وإذا كان مع هذا الورع وعي وعلم فصاحبهما في أعلى عليين .. وليس من شك ان تعظيم من عظّم الله فرض لازم ، فقد جاء في الحديث : ان رسول الله كان يكرم أهل بدر ويقدمهم على غيرهم ، وفي ذات يوم دخل جماعة منهم الى مجلسه ، فوجدوه مزدحما بالناس ، ولم يفسح أحد لهم ، فقال النبي (ص) لمن حوله من غير أهل بدر : قم يا فلان ، وأنت يا فلان ، وأجلس أهل بدر .. وتتفق هذه الرواية مع قوله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) الخ.
وبهذه المناسبة أشير الى اني إذا قرأت في الصحف مقالا يتصل بموضوع آية من آي الذكر الحكيم احتفظت به في ملف خاص حتى إذا بلغت بالتفسير الى الآية رجعت الى المقال ، واستشهدت بشيء من كلماته ، وأشرت الى اسم الصحيفة وتاريخها لأن بعض الجيل الجديد يقتنع بالصحف ولغتها أكثر من أي مصدر.
ويلاحظ القارئ هذا الاستشهاد فيما سبق من المجلدات ، منها ـ على سبيل المثال ـ ما جاء في المجلد الرابع ص ٣٧٩ بعنوان «الماديون والحياة بعد الموت» والمجلد الخامس ص ٧٩ بعنوان «الله وعلم الخلايا» والمجلد السادس ص ٤٩ بعنوان «الرحلة الى القمر» وص ٣٨٨ بعنوان «الإسلام وفتاة انكليزية». وفي ذات يوم قرأت في احدى الجرائد عن مجادلات السياسيين الكبار حول مائدة