الإطلاق أن يخرج بنو النضير من ديارهم ويتركوها لأعدائهم المسلمين لما عرفوا عنهم من العناد وشدة البأس ، وكثرة العدة والعدد ، وأيضا كان بنو النضير يعتقدون انهم في قوة ومنعة من حصونهم وعدتهم وعددهم ، وان أية يد لا تستطيع أن تمتد اليهم .. ولكن حصن الغدر والخيانة واه لا يمنع أهله ، ولا يحرز من لجأ اليه.
(فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ). ظنوا انهم ما نعتهم حصونهم .. ولكن الذي بيده ملكوت كل شيء قد ختم على قلوبهم بعد ان ملأها بهيبة الرسول (ص) وجنده ، فانهارت وانهار معها كل شيء لأن القلوب هي الأساس الذي ترتكز عليه جميع القوى .. ومن هنا يحرص سفاحو الشعوب وتجار الحروب على الحرب النفسية ، ويحشدون لها الطاقات والثروات ، ونسوا أو تناسوا انه لا طريق الى القلوب إلا الحق والصدق والخير والإحسان ، وإذا وجدت الدعايات المضللة من يستجيب لها فإلى حين ، ثم تتكشف عن عورات صاحبها وأسوائه.
سئل «تشالز» الممثل الخبير بشئون الحياة : الى ما يحتاج المرء ليشق طريقه في الحياة؟ أللعقل أم الطاقة أم العلم؟ فقال : ثمة شيء أهم ، وهو معرفة الوقت المناسب. ونقول التشالز : أجل ، لا بد من الوقت ولكن على شريطة أن يكون مناسبا لمصلحة الخير لا للشر ، وللحق لا للباطل ، لأن الشر وأنصاره الى زوال : وان طال بهم الأمد.
(يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ). قال بعض المفسرين : المراد بخراب البيوت هنا الجلاء عنها ، وبأيديهم اشارة الى أنهم هم السبب الموجب لهذا الجلاء حيث نقضوا عهد الرسول وميثاقه ، وأيدي المؤمنين تشير الى أن المسلمين هم الذين أجلوا بني النضير عن ديارهم. وقال آخرون : ان بني النضير أفسدوا بيوتهم بأيديهم قبل الجلاء كيلا تقع سليمة في أيدي المسلمين ، وان المسلمين دكوا بأيديهم حصون بني النضير لينفذوا اليهم .. وهذا قريب ، والاعتبار يؤيده ، وظاهر