أَنْتَ الْعَزِيزُ) فلا تضام ولا يضام من لجأ اليك (الْحَكِيمُ) في تصريف الكون وتدبيره.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ). ولمزيد من الحث على التأسي بإبراهيم ومن معه عاود سبحانه وكرر التذكير بهذه القدوة الحسنة عسى أن يتذكر أو يخشى من رغب في ثواب الآخرة ، وخاف من عذابها (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). من أعرض عن الاقتداء بالصالحين فإنه تعالى غني عن خلقه ، مستحق للحمد في ذاته وصفاته وجميع أفعاله .. وهكذا سبحانه يأمر الأشرار ان يتعظوا بعاقبة الماضين من أمثالهم ، ويأمر المؤمنين ان يقتدوا بهدي من مضى من الصالحين.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً). يشير سبحانه بهذا إلى فتح مكة ، وان الكثير من المشركين الذين نهاهم الله عن مودتهم سيدخلون في دين الله أفواجا .. وعندئذ يلتئم الشمل ، ويتبادل الصحابة المودة مع المسلمين الجدد (وَاللهُ قَدِيرٌ) على ان يذهب بالعداوة وأسبابها ، ويأتي مكانها بالمودة وبواعثها (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر ذنوب عباده التائبين ويشملهم برحمته. وقد أنجز الله وعده ، ونصر عبده محمدا ، فخضعت له الجزيرة العربية واستسلمت مكة ودخل أهلها في دين الإسلام أفواجا ، وحصلت المودة بين من كانوا بالأمس أعداء ألداء.
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩))