تقويم يميزه عن سائر المخلوقات. وتقدم مثله في الآية ١٤ من سورة المؤمنون ج ٥ ص ٣٦١ (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) فينبئكم بما كنتم تعملون ، ومن زحزح عن النار .. فقد فاز (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). المعنى واضح ، وتقدم مرات ، ويتلخص بأن الله بكل شيء عليم.
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). الاستفهام للتوبيخ ، والخطاب لمن كفر بمحمد (ص) من المشركين ، وأعلن الحرب عليه وعلى دعوته ، وقد ذكّرهم سبحانه بالأمم التي خلت من قبلهم كقوم نوح وعاد وثمود .. كذبوا الرسل فأصابهم في الدنيا الهلاك والدمار ، ولعذاب الآخرة أشد وأخزى.
(ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا). ذلك إشارة الى ما حل بالأمم الماضية من العذاب لأنهم كذبوا الرسل ، وقد جاؤوهم بالدلائل القاطعة على نبوّتهم ، ومع ذلك أصروا على الكفر لا لشيء إلا لأن الرسل بشر من جنسهم ، فكيف يهتدون بهم! .. وجهلوا ان الهداية تكون بالعلم أيا كان مصدره .. والغريب من أمرهم انهم قالوا لمن دعاهم الى التوحيد : أبشر يهدوننا؟. وما قالوا هذا لمن دعاهم الى عبادة الأحجار ، بل سمعوا له وأطاعوا دون نقاش وجدال .. ولا غرابة فهذه هي طبيعة الجهل .. ومهما شككت فإني لا أشك ان أهل البصائر لو خيّروا بين العمى مع العلم ، وبين الجهل مع البصر لاختاروا العمى لأنه لا يقرّب بعيدا ، ولا يبعد قريبا ، ولا يصور السواد بياضا والبياض سوادا ، أما الجهل فيصور الهداية ضلالا ، والضلال هداية ، والحق باطلا والباطل حقا.
(وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ). وكل كائن يشهد بلسان المقال أو الحال ان الله غني عن الخلق وطاعتهم ، حميد في جميع صفاته وأفعاله.
(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ