وتسأل لما ذا اهتم سبحانه هذا الاهتمام البالغ بالرد على عبدة الأوثان في هذه الآية وغيرها مع العلم بأن الأمر أهون وأيسر من ذلك ، فإن نفي الألوهية عن الأصنام بمكان من البداهة والوضوح تماما كنفي البصر عن الأعمى ، والظلمة عن النور؟.
الجواب : كان تقديس الأصنام وعبادتها جزءا لا يتجزأ من حياة الناس منذ عهد نوح الى عهد الرسول الأعظم (ص) ، وبينهما آلاف السنين .. وحتى في عصرنا هذا ، عصر الفضاء ، تنتشر الوثنية في شرق الأرض وغربها .. وهل هذه التماثيل القائمة الآن في المعابد وعلى مفارق الطرق ورؤوس الجبال ، وهذه الرسوم على الجدران وفي المفكرات وهنا وهناك ، والتي تحكي الآلهة بزعم الزاعمين ، هل تقديس تلك التماثيل وهذه الرسوم إلا ضرب من الوثنية وعبادة الأصنام؟ .. وهنا يمكن السر لاهتمام الإسلام والقرآن في الرد على عبدة الأوثان ، وتتجلى عظمة محمد (ص) في تكريم الإنسان وتنزيهه عن عبادة ما صنعت يداه ، قال الشاعر :
بكيت على الإنسان ينحت صخرة |
|
ويعبدها للنفع يوما أو الضرّ |
وكفّاه اولى بالعبادة لو درى |
|
هما نحتا هذه الصخور كما يدري |
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ). المراد بقوله : الى يوم القيامة ان الأصنام لا تجيب أبدا ، ولا يمكن أن تجيب ، والمعنى لا أحد أكثر جهلا وضلالا من الذي يعبد ما لا يسمع مناديا ، ولا يجيب داعيا (وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ). ضمير «هم» وواو «غافلون» يعودان الى الأصنام ، وضمير دعائهم يعود الى المشركين ، والمعنى ان المشركين يعبدون الأصنام ، ولكن الأصنام في غفلة عنهم ولا يشعرون بوجودهم (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ). وأيضا يوم القيامة عند ما يحشر الله الناس للحساب والجزاء تتبرأ آلهة المشركين منهم ، ويكفرون بهم وبعبادتهم. أنظر تفسير الآية ٢٨ من سورة يونس ج ٤ ص ١٥٢.