لأنه يوم حساب وجزاء لا يوم تكليف وعمل ، وعليه يكون طلب السجود من المجرمين يوم القيامة هو طلب توبيخ وتقريع لا طلب تشريع وتكليف ، والمراد بلا يستطيعون ان السجود في ذاك اليوم لا يجديهم نفعا لأنه يوم جزاء لا يوم عمل كما قلنا. والمعنى ان الذين فرّطوا أو قصّروا في الدنيا حيث يستطيعون العمل ، ان هؤلاء سيوبخون ويعذبون يوم القيامة الذي لا يملكون فيه حيلة ولا وسيلة تقربهم الى الله.
(خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ). الخشوع صفة للقلب لا للأبصار ، ولكنه تعالى كنّى به عن ذلّهم وهوانهم الذي ظهر في أبصارهم ، وقوله تعالى : (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) تفسير وبيان لقوله : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ). (وَقَدْ كانُوا) في الدنيا (يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) فيعرضون علوا واستكبارا (وَهُمْ سالِمُونَ) لا مانع يمنعهم عنه. وبعد أن رأوا العذاب أرادوا السجود ، ولكن بعد فوات الأوان.
(فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢))