ومن أجل هذا قال كثير من المفسرين : ان قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ). هو اشارة الى ما طلبوا من تعجيل العذاب ، وان الله سبحانه قد أجابهم عن هذا الطلب بقوله : (لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) أي ان العذاب نازل بالجاحدين لا محالة سواء أطلبوا التعجيل أم التأجيل.
(مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) صفة لله تعالى ، والمراد به الرفعة والعلو ، ومثله الآية ١٥ من سورة غافر : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ). (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). المراد بالروح جبريل ، وخصه سبحانه بالذكر مع انه من جملة الملائكة لعلو شأنه ، وضمير اليه يعود الى ما هو معلوم عند الله والملائكة ، والخمسون ألف سنة كناية عن طول المدة. وذكر الأستاذ أحمد أمين العراقي هذه الآية في كتابه «التكامل في الإسلام» واستخرج منها ان الملائكة يسيرون بسرعة تفوق سرعة الصوت ، ذلك بأن سعة الكون لا حد لها ولا نهاية ، ويكفي دليلا على هذه الحقيقة ان بعض النجوم قد أرسلت ضوءها الى الأرض منذ ملايين السنين ، ولم يصل بعد اليها مع العلم بأن الضوء يقطع ٣٠٠٠٠٠ ك م في الثانية. وعليه يستحيل ان يقطع الملائكة المسافات الشاسعة الواسعة إلا إذا كان سيرهم أسرع من سير الضوء أضعافا مضاعفة.
وقلنا عند تفسير قوله تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) ـ ١٧ الحاقة : ان هذا الموضوع وما اليه لا يثبت إلا بالنص الصريح الذي يفيد القطع والجزم ، ولا يقبل التأويل بحال ، وانه لو كان من باب الحلال والحرام لكان لظن الفقيه وجه إذا استند الى ظاهر الكتاب أو السنة. وقال بعض الصوفية : ليس المراد بخمسين ألف سنة السنوات التي نعرفها ، بل المراد الأطوار والأدوار. وقال صوفي آخر : ان ايام الله هي كما يشاء ، فإن شاء جعلها ألفا ، وان شاء جعلها آلافا وملايين.
وهذا غيب في غيب ، ونحن غير مسؤولين عن علمه أمام الله ، وما كلفنا بالبحث عن كنهه إلا الشيطان .. قال الإمام علي (ع) : «وما كلفك الشيطان