وأسلوب المعيشة ، فيكون في حالته كما كان سيدنا الرسول شديد البأس قوي العزيمة ، وان كان خشن المعيشة».
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً). المراد بذكر الله هنا الدعوة اليه تعالى ، والتبتل مأخوذ من البتل ، وهو القطع مثل البت ، ويستعمل التبتل في الانصراف عن الدنيا ، ومنه البتول لقب السيدة مريم ، والمعنى بعد أن تحيي يا محمد شطرا من الليل في العبادة ، وتستريح في شطر منه ـ ادع دعوة الحق وجاهد في سبيلها لوجه الله وحده .. وكأن الله سبحانه يعلم نبيّه الكريم ان يجعل وقته ثلاثة أقسام : الأول للعبادة ، والثاني للجهاد ، والثالث للراحة كي يستمر في عبادته وجهاده (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً). الملك في المشارق والمغارب وفي السموات والأرض لله وحده لا شريك له ، وإذا كان الخلق كله لله وجب على العبد أن يعتمد على الله ، ولا يلجأ الى أحد سواه ، وفيه إيماء الى ان الخلق يدل على وجود الخالق ، وان خضوع المخلوقات بكاملها لنواميس طبيعية ثابتة يدل دلالة واضحة على ان الخالق واحد في ذاته وصفاته.
(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤) إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩))